أثار مقتل الشاب سردشت عثمان جدلا محتدما حول أسباب الجريمة واهدافها وما يحيط بها من ملابسات ما تزال خفية لحد هذه اللحظة، وقد أولت المؤسسات المحلية والعالمية ذات الصلة بحقوق الانسان، وعلى وجه الخصوص المسؤولة عن حماية الصحافيين في العالم اهتماما مركزا بالموضوع، باعتبار أن الحدث يشكل ليس جريمة عادية، بل جريمة ضد حرية التعبير عن الرأي، وكان معهد صحافة الحرب والسلام من ضمن هذه المؤسسات، حيث يرى نفسه معنيا بالقضية أصلا، فضلا عن أن أكثر من جهة توجهت للمعهد بأكثر من سؤال عن مجريات الحدث المأساوي.
حتى هذه اللحظة لم تقدم التحقيقات الرسمية التي تجريها الجهات الامنية تفسيرا مقنعا، بل من الملاحظات التي يمكن أن تُثار هنا، أن بعض التفاصيل التي اعلنت عنها هذه الجهات تناقض المعلومات التي تقدمت بها عائلة المغدور، مما ساهم في تعقيد المشكلة، وربما تسبب في حيرة واضطراب لدى الرأي العام المحلي والدولي.
هذه التناقضات أوالمفارقات أطلقت حمأة الاتهامات والاتهامات المضادة بين المؤسسات السياسية، وفي مقدمتها الاحزاب سواء كانت في الحكم أوالمعارضة، ولكن رغم كل ذلك، هناك نقطة تكاد تكون محل اتفاق المحللين في تفسير الحدث المؤلم، حيث يرى كثيرون أن هناك علاقة بين الجريمة والنشاط الاعلامي النقدي الساخر الذي تميز به سردشت، فقد عُرِف عنه مقالاته الساخرة، التي تصب على نقد عموم الحالة السياسية في كردستان، وعلى وجه خاص فيما يتعلق بكيفية ادارة العملية السياسية، ومدى الوفاء بين المباديء المطروحة والواقع الملموس، مما يترتب على ذلك استنتاج مهم، مفاده ان الجريمة هي جريمة سياسية في المقام الاول، وتندرج في نطاق حقوق الانسان وحرية التعبير، كما انها تثير سؤالا خطيرا عن دور المؤسسات الامنية في حماية المواطنين، سواء كانوا مع السلطة أوضدها.
السؤال الذي طرحه بعض المحللين والذي يشكك في صدق عنوان أومهنية سردشت لا معنى له، ويصبح غير ذي اهمية، لان حرية التعبير مكفولة بالدستور وبالمواثيق الدولية، وبالتالي، سواء كان السيد سردشت يتصف بالمهنية الصحافية أولم يتصف، إلا أنه صاحب رأي، ويجب صيانة حقه في التعبير عن رأيه.
ان معهد صحافة الحرب والسلام إذ تعزي عائلة الفقيد، فان المعهد ينطلق في إدانة الحدث من تبني المعهد لمبدأ حرية التعبير عن الراي، مستندا الى المادة 19 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان، والتي تنص على أن "لكل انسان الحق في حرية الرأي والتعبير عنه، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الأراء دون أي تدخل، واستقاء الانباء والافكار واذاعتها باية وسيلة كانت دون تقييد بالحدود الجغرافية."
فالضحية سردشت ككل شخص ينتمي الى الارومة الانسانية كان له الحق في التعبير عن اراءه وتصوراته بحرية كاملة، ومن دون تدخل اي سلطة خارج ارادته، وبذلك يكون مقتله يشكل ضربة مؤذية لحرية الرأي والتعبير، وصفحة سوداء في سجل اقليم كردستان العراق في مجالي حرية التعبير وحقوق الانسان.
يقع العبأ الاكبر في التحقيق عن اسباب وظروف ودافع وأدوات الجريمة على السلطات الكردية، وعلى السلطات المذكورة أن تبذل جهدا استثنائيا في هذا المجال، لان الجريمة تشكل بادرة خطرة لمستقبل مجهول بالنسبة لحرية الراي والتعبير، وفيما توصلت السلطات الى حقائق ناصعة عليها أن تعلنها للملأ، وان ينال المجرمون الذين ارتبكوا هذه الجريمة عقابهم العادل طبقا لمعايير القضاء في مثل هذه الحالات.
إن معهد صحافة الحرب والسلام باعتباره ناشطا في مجال التنمية الاعلامية والدفاع عن حرية التعبير في العراق وخارجه يواصل متابعة الموضوع بدقة.