بينت وثيقة حكومية عزم السلطات الأمنية وضع شروط للسيطرة على وسائل الأعلام وألزامها بضوابط ومحددات صارمة ومرتبكة في نفس الوقت، وترغم الوثيقة، التي حصل مرصد الحريات الصحفية على نسخة منها، المؤسسات الاعلامية على أستحصال موافقات امنية للممارسة عملها.
ووزعت وكالة المعلومات والتحقيقات الوطنية التابعة لوزارة الداخلية كتباً رسمية الى المؤسسات الاعلامية مرفقة بأستمارة تضم 16 شرطاً تُعد اغلبها تهديداً واضحاً لحرية العمل الصحفي.
وجاء في الكتاب الرسمي الذي وزعته الوكالة في بغداد وومدن العراق الاخرى في ديسمبر الماضي، بأنه " بناءاً على ماجاء بكتاب ألامانة العامة لمجلس الوزراء (السري والشخصي) المرقم / م.ت/ 8/1/1/اعمام/42/539 في 2009/3/15 والذي يطلب فيه تنفيذ توصيات اللجنة المرفقة بكتاب مكتب القائد العام للقوات المسلحة وكتاب المديرية العامة للشؤون الفنية المرقم 2202 في 2009-3-30".
وهدد الكتاب الرسمي المؤسسات الاعلامية بمصادرة معداتها في حال عدم تزويد المؤسسة الامنية بكل المعلومات الخاصة بأجهزة البث واسماء جميع العاملين في المؤسسة الأعلامية ومستمسكاتهم الرسمية، واضاف الكتاب، انه تقرر منح مهلة زمنية ولمدة اربعة اشهر لتسجيل الاجهزة والمعدات التي تستخدم للبث " وبخلافه سيتم مصادرة الاجهزة والمعدات غير المسجلة". دون ان يشير الكتاب الى امر قضائي اوقانون يُستند عليه.
الوثيقة التي سميت بــ (الموافقة الأمنية المؤقتة للبث الاذاعي والتلفزيوني والستلايت) تبين مدى جهل المؤسسات الحكومية بعمل وسائل الاعلام، حيث اشارت الفقرة 11 من وثيقة الموافقة الامنية الى "ان اداء المرخص لهم سوف يقيم من قبل الجهات الأمنية ذات العلاقة لضمان امتثالهم لشروط وضوابط هذه الرخصة اضافة الى جميع الأنظمة والقواعد والأوامر والتوجيهات والتعليمات الاخرى".
وتبين هذه الفقرة بشكل واضح عزم السلطات الحكومية فرض توجيهات وتعليمات للمؤسسات الاعلامية دون الرجوع للقانون أوالدستور العراقي مايعني اعطاء سلطة مطلقة للجهات الامنية بالتعامل مع وسائل الاعلام وتعطيل الدستور العراقي.
والغريب في هذه الوثيقة (الموافقة الامنية) ان الفقرة 15تعطي الجهات الأمنية حق وضع ضوابط وقوانين اضافية تُشرع من قبلها.
وتأتي هذه المحددات والتعليمات كما هوالمعتاد عليه دون مرجعية دستورية أوقانونية وتتعارض ومبادئ الدستور العراقي الذي نص على ان هيئة الاتصالات والاعلام هي الجهة المسؤولة عن تنظيم البث الفضائي وقد تتضرر صلاحيات الهيئة بهذه الوثيقة.
مرصد الحريات الصحفية يطالب الجهات التي عملت على وضع هذه الضوابط المنافية لقيم حرية الاعلام والديمقراطية سحبها فوراً وعدم تعميمها في المؤسسات الأعلامية وحصر الموافقات وتراخيص البث وتنظيم الترددات بهيئة الاتصالات والاعلام وفق اسس قانونية لاتتعارض ومبادئ الدستور العراقي، وبخلافه فأن مرصد الحريات الصحفية سيقاضي الجهات الحكومية التي تتدخل بعمل وسائل الاعلام وتفرض القيود عليها وسيكون للقضاء العراقي القرار الحاسم لجهة ضمان تطبيق مواد الدستور.