مرصد الحريات الصحفية

مرصد الحريات الصحفية

الصفحة الرئيسية > الأخبار والتقارير > ثناءً واجلالاً لياسين...

ثناءً واجلالاً لياسين

في انفجار عبوة ناسفة، قتل مؤخرا الصحفي الموهوب والشجاع ياسين الدليمي مراسل معهد IWPR.


" ارجو ان تقول ان ذلك ليس حقيقة" كان ذلك ردة فعلنا الاولى عند سماعنا بوفاة ياسين الدليمي مراسل المعهد في الرمادي في محافظة الانبار الذي كان له على مدى السنتين الاخيرتين مقالات جيدة ومنتظمة وتحليلات خبرية كتبها في تقارير الازمة العراقية لمعهدنا، وكان قد حضر اربعة دورات تدريبية اقامها المعهد في السليمانية، والتي اصبح من خلالها ليس زميلا محترما فقط بل صديقا عزيزا ايضا.


توفي ياسين،36، متاثرا بجروح عدة في الراس بتاريخ 26-12-2006 بعد انفجار عبوة ناسفة قربه في منطقة الكاظمية في بغداد مستهدفة دورية امريكية اثناء عودته الى البيت . توفي في مكان الحادث في الحال. كان الثاني من مراسلي المعهد الذي يسقط ضحية للصراع. في نيسان الماضي، قتل الصحفي المتدرب كمال عنبر اثناء غارة شنتها القوات الامريكية والعراقية على احد الاحياء في العاصمة.


تزوج ياسين السني من سندس عبد الوهاب الشيعية من بغداد. احب عمله كثيرا و احب عائلته اكثر. كان دائما فخورا وهو يرينا صور طفله مصطفى وزوجته. وقال ان علاقتهم والعلاقات مع بقية افراد العائلتين ظلت قوية وثابتة بوجه انحدار البلد في الصراع الطائفي.


اعد ياسين مواضيع للمعهد ولبقية وسائل الاعلام الاخرى من الرمادي، برغم الخطر المتزايد في الكتابة من هذه المحافظة التي مزقتها الحرب. القليل من الصحفيين يكتبون من الانبار والاقل من يعيش هناك، لذا فان تغطية ياسين من تلك المنطقة كانت قيمة جدا.


كان دائم التنقل بين بغداد والانبار لانه كان يعمل مخرجا في راديو المستقبل الذي يرتبط بحركة الوفاق العراقية التي يرأسها رئيس الوزراء السابق اياد علاوي.


لكنه كان مرتبطا بالانبار. كانت تمثل بيته، كما قال، وكان يفضل البقاء فيها اطول فترة رغم ان الاخرين هربو منها.


في اوائل كانون الاول، قرر هو والعائلة ان يتركوا الرمادي بعد ان ساءت الاحوال الامنية فيها واصبحت لا تطاق. استأجروا بيتا لفترة مؤقتة في بغداد، وحاولوا بطريقة او باخرى مغادرة العراق الى احدى الدول المجاورة.


تتذكر تياري راث، محررة سابقة في المعهد دربت ياسين في احدى الدورات الاقتصادية في نيسان 2006 كيف كانت قلقة على سلامته لانه يعمل في جزء خطر من البلاد. وقالت "اجرى مرة لقاءا مع احد المسؤلين في الانبار بينما كانت قذائف الهاون تنهال على مكتب ذلك المسئول".


ولد ياسين في مدينة حديثة في الانبار وكان السادس بين سبعة اخوة من عائلة معروفة عشائريا، وعمل صحفيا لمدة عشر سنوات. بعد تخرجه قسم التصميم في اكاديمية الفنون الجميله، عمل مخرجا ومديرا للتحرير في صحف عديدة، في الراديو، وفي القنوات التلفزيونية.


بعد سقوط صدام في نيسان 2003، اصبح مراسلا لراديو نوا الذي مقره في السليمانية، وعمل مخرجا في راديو الناس في بغداد.


في نيسان 2005، شارك بحماس كبير في اول دورة للراديو يقيمها المعهد في السليمانية. تتذكر جيسيكا كراهام، من البي بي سي والتي عملت مدربة للراديو في المعهد في 2005، جيدا مقابلتها الاولى مع ياسين. وقالت "كان جادا ومهتما منذ البداية. اتذكره كمتميز في الدورة الاولى التي عملناها".


اخبرها في احد الايام ان القوات الامريكية داهمت بيته والقت القبض على اخيه في الرمادي. قالت جيسيكا والدموع تملأ عينيها "سألني مرة كيف بامكانه الاستمرار في تغطية الصراع في العراق دون ان يكون منحازا. اعطاني منديلا ورقيا. لم اعتقد ان هذا الرجل القادم من الرمادي سيتقبلني- كامرأة امريكية- معلمة له. واضافت " عاملني بمنتهى الاحترام والاهتمام".


رغم التجربة الشخصية المؤلمة – في مناسبة اخرى داهمت القوات الامريكية بيته في الرمادي وحطمت حاسبه الشخصي وتلفونه الخلوي وكاميرته الرقمية وتم حجز عائلنه في نقطة مسلحة لعدة ساعات – ظل ياسين وفيا وملتزما بمباديء الكتابة المتوازنة في نقده لكل من القوات المتعددة الجنسيات والمسلحين.


كان ياسين مراسلا حادا. كان يملك حاسة شم جيدة للاخبار وكان كاتبا واضحا ومحددا. كانت الكتابة من الرمادي خطرة وكان من الصعب ارتياد مقاهي الانترنت، لكنه حاول ان يكتب مواضيعه عن كل شيء هناك من مقاومة العشائر للقاعدة في الانبار الى تاثيرات الصراع على الناس العاديين.


اظهر مهارة فائقة واهتمام بالمواضيع الاقتصادية والسياسية. لم يكن معنيا بتناول مواضيع التضخم والفدرالية فقط، بل حاول شرحها بشكل واضح للقراء. كانت تلك احدى مزاياه ومواهبه الكثيرة.


كان يحب الكتابة وكان يملك موهبة خاصة في الكتابة عن المواضيع الانسانية من مدينته المدمرة.


يتذكره زملائه من متدربين المعهد كونه شخص لطيف، كريم، ومنفتح الذهن. قال دريد سلمان "كان يبذل ما بوسعه لمساعدة الجميع". واضاف نصر كاظم الذي يتذكره كأب ملهم "كان يحب العراق وكان مبدئيا. اخبرني مرة انه يعيش لابنه وانه يرغب برؤيته رجلا. يقول اصدقائه انه كان دائما يحثهم على الزواج لانه كان يحب زوجته وطفله كثيرا".


ورغم ان المعهد سيفتقده كثيرا، الا ان عائلته هي التي تعاني الخسارة الكبيرة. لم تتوقف زوجته سندس عن البكاء عند حديثها عن اخر يوم من حياة ياسين، زوجها المتوقد الذكاء، الرائع، المتفائل، المميز والعطوف.


في اليوم الذي مات فيه ياسين، كانوا قد افطروا سوية. وضع ياسين ابنه ذو العام الواحد في حجره. بعدها استقل سيارة اخيه الى جامعة بغداد للحصول على نسخة من شهادة تخرجه.


اتصلت به زوجته في الساعة الواحدة حيث اخبرها انه في طريق العودة الى البيت لان الجامعة اخبرته بالعودة غدا للحصول على الشهادة. وبسبب منع التجوال من مغيب الشمس الى شروقها، يعود الناس الى بيوتهم مبكرين. وكلما يتأخر ياسين ولا يكون في البيت بين الساعة الثالثة والرابعة ، تصبح سندس عصبية وتتصل به.


في ذلك اليوم، سمعت سندس صوت انفجار. "تسارعت ضربات قلبي. اتصلت به عدة مرات ولم يرد، قالت وهي تحاول تهدئة نفسها بانه من الممكن ان يكون متوقفا في احدى نقاط التفتيش او منتظما في طابور لشرا الخبز.


بعد عشرين دقيقة من اتصالها ، اجاب احدهم على التلفون. لم يكن ياسين. وقالت له وقد بدا يجن جنونها" من المتكلم؟ اين صاحب التلفون؟ اجابها الرجل بان زوجها قد قضى في الانفجار في ساحة عدنان وتم نقله الى المستشفى المحلي.


بدأت تصرخ وتدق باب جارها. اتصلوا باخيها الذي اخذها الى المستشفى. وقالت "دعوت الله ان اراه لثواني قبل ان يموت".


دفن في الرمادي- وحضر مراسيم الدفن المئات من الناس. وبسبب الظرف الامني في العاصمة، حضر القليل من اصدقائه الى هناك.


قال شامل ماجد،36، الذي يعمل في شركة المعدات الالكترونية، وكان صديقا مقربا من ياسين ويعرفه منذ الطفولة "كان يملك قلب والدة، كان عاطفيا و رحيما مع الجميع، ليس فقط مع اصدقائه. لا احد يستطيع ان يحل مكان ياسين".


كان كرناس علي ،29، مدير راديو الناس ، يتحدث مع ياسين على الانترنت في ظهيرة يوم 26 كانون الاول. قال علي ان ياسين وعده بزيارته والعائلة في عيد الاضحى الذي سيحتفلون به في الايام القليلة القادمة. حين اخبره شقيق ياسين بان ياسين قد مات، اغمي عليه وقال "لا يمكنني تصديق ذلك. كلما ارى رقمه، اريد ان اكتب له ايميلا او اتصل به، ولكني اصدم ثانية. كان رائعا، متواضعا، جريئا، وانسانا حقيقيا. لم يكن صديقا فقط، بل كان اخا، معلما، وصحفيا مثابرا.


اراء متعاطفة مع ياسين من زملائه في المعهد. "لم يكن ياسين صحفيا، ابا، وزوجا اعتياديا. ياسين مثل الكثير من ضحايا الحرب، لم يكن من المدنيين الذين يمكن اعتباره مثل اي عراقي اخر يموت. كان شجاعا وعطوفا، كان مراسلا كبيرا للعراق ولكل من يهمهم امر البلد".


شارك كل من فرهاد محمود، تياري راث، هشام علوان، وسوزان فيشر في هذا الثناء.


ان رغبت التبرع لعائلة ياسين، يرجى الاتصال بمدير التحرير في معهد IWPR ايكال جازان على العنوان التالي: yigal@iwpr.net

 

 

 

  • الانتهاكات الحكومية ضد الصحفيين استمرت أثناء تغطية ذكرى تظاهرات تشرين

  • على حكومة العراق الاستعداد للأحداث المتوقعة وإيقاف استهداف الصحفيين

  • لجنة حماية الصحفيين تطالب سلطات العراق بضمان حماية الطائي وضمد

  • قوة أمنية تعتقل صحفيين أثناء التغطية في النجف

  • قوة أمنية تعتدي على كادر الرابعة في البصرة بتحطيم المعدات والضرب والاحتجاز

  • وزير الداخلية يقاضي الإعلامي حيدر الحمداني بتهمة القذف والتشهير

  • قانون جرائم المعلوماتية: مُفصّل على مقاس السلطة.. ومخيّب لتطلعات الصحفيين

  • تعرض المراسل فاضل البطاط الى اعتداء على يد أمن فندق غراند ميلينيوم البصرة