مرصد الحريات الصحفية

مرصد الحريات الصحفية

الصفحة الرئيسية > الأخبار والتقارير > كردستان العراق ـ...

كردستان العراق ـ الاعتداء على حرية التعبير

الاحتجاز التعسفي والملاحقة لمنتقدي الحكومة والصحفيين بسبب انتقادهم السلطات

(بغداد، 10 فبراير/شباط 2013) ـ قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن على حكومة كردستان الإقليمية المتمتعة بحكم ذاتي جزئي في العراق، أن تكف عن الاحتجاز التعسفي للصحفيين والنشطاء ورموز المعارضة السياسية، وإنهاء ملاحقة الصحفيين بدعوى إهانة الشخصيات العامة أو التشهير بها. قام جهاز الأسايش ـ الجهاز الأمني بكردستان ـ والشرطة باعتقال صحفيين وغيرهم بدون تصريح لنشر موضوعات صحفية تنتقد مسؤولين حكوميين، واحتجازهم دون اتهام أو محاكمة لمدد تتراوح بين عدة أسابيع إلى سنة.

سعى مسؤولو وزارة العدل ووزارة الأوقاف والشؤون الدينية، فيما يبدو انتهاكاً صارخاً لسيادة القانون، إلى فرض مشروع قانون يجرم "إهانة" القادة السياسيين والدينيين، رغم أن اللجنة القانونية ولجنة حقوق الإنسان بالبرلمان الكردي ترفضان تطبيق هذا القانون حتى الآن. إذا تم تمرير هذا القانون فسوف يمثل انتهاكاً جسيماً لمعايير حرية التعبير الأساسية في منطقة كردستان العراق، بحسب هيومن رايتس ووتش، وقد يعطل الصحافة الاستقصائية وكشف المعلومات حول الفساد في المستويات العليا في تلك المنطقة الغنية بالنفط.

قالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "هذه أيام مظلمة لحرية التعبير في إقليم كردستان العراق، فحكومة كردستان الإقليمية، بدلاً من أن تضمن تحقيق القضاء في فساد المستويات العليا، فهي تتجاهل عين قوانينها الموضوعة لحماية حرية التعبير والتجمع، وتستخدم "قوانين" غير سارية لإسكات المعارضين".

تفيد تقارير بأن حكومة كردستان الإقليمية قامت خلال 2012 باعتقال واحتجاز 50 على الأقل من الصحفيين والمعارضين ونشطاء المعارضة السياسية بشكل تعسفي، ولاحقت سبعة منهم على الأقل قضائياً بتهم جنائية تتعلق بإهانة شخصيات عامة أو التشهير بها، بحسب معلومات حصلت عليها هيومن رايتس ووتش في ست زيارات قامت بها إلى منطقة كردستان، آخرها في نوفمبر/تشرين الثاني وديسمبر/كانون الأول. يقبع أكرم عبد الكريم، موظف الجمارك السابق، في السجن منذ أكثر من عام بدون محاكمة، وبتهم تتعلق بالأمن الوطني، بعد أن اتهم أعضاء بارزين في حزب كردستان الديمقراطي، أحد حزبين يكونان الائتلاف الحاكم لمنطقة كردستان، بالاختلاس من عائدات الجمارك.

في نوفمبر/تشرين الثاني وديسمبر/كانون الأول، أجرت هيومن رايتس ووتش مقابلات مع 16 صحفياً وناشطاً سياسياً وغيرهم ممن تم توقيفهم منذ بداية 2012، بعد انتقاد سلطات الحكومة الإقليمية. أفرجت السلطات عن بعضهم دون اتهام بعد قضاء فترة احتجاز، لكنها لاحقت البعض الآخر قضائياً بتهم التشهير أو الإهانة، ونجحت في استصدار أحكام بالغرامة والسجن. قال أحدهم، وهو المحامي زانا فتح، إن الشرطة احتجزته بدون اتهام لمدة ستة أيام في أحد سجون جمجمال في أكتوبر/تشرين الأول، بعد أن كتب مقالة تتهم القضاء بعدم الاستقلال عن الأحزاب السياسية الرئيسية، فاتهمته الشرطة بالتشهير بالقضاة، إلا أنها لم توجه له أية تهمة رسمية.

أبدت هيومن رايتس ووتش القلق من الحملة التي تستهدف قمع حرية التعبير فى اجتماعات دارت خلال شهر نوفمبر/تشرين الثاني مع مسؤولين بوزارة الخارجية وبجهاز الأسايش في الحكومة الإقليمية. في معرض الرد قال أحد المسؤولين إنه "لا يمكن التسامح مع الحديث عن الفساد". قال المسؤولون إن الصحفيين المحتجزين كاذبون و"ينتهكون الحقوق الإنسانية للحكومة"، على حد تعبير أحد المسؤولين.
تكفل المادة 2 من قانون الصحافة الكردستاني (قانون رقم 35 لسنة 2007) للصحفيين الحق في "الحصول على المعلومات ذات الأهمية لدى المواطنين والمتعلقة بالمصلحة العامة من مختلف المصادر". كما ينص القانون أيضاً على حماية الصحفيين من الاعتقال جراء نشر تلك المعلومات، ويلزم الحكومة الإقليمية بالتحقيق مع "أي شخص يهين أو يؤذي صحفياً بسبب عمله" ومعاقبته. وينص القانون على عدم جواز اتهام الصحفي بالتشهير إذا "نشر أو كتب عن أداء مسؤول أو شخص مكلف بخدمة عامة... إذا كان ما نشره لا يتجاوز شؤون المهنة"، رغم أن القانون لا يعرّف هذه الحدود.

قالت هيومن رايتس ووتش إن على الحكومة الإقليمية أن تحترم قانون الصحافة وأن تنهي مضايقة الصحفيين وغيرهم من المنتقدين. وعلى البرلمان أن يضع قانوناً لحرية المعلومات يضمن للجمهور الحق في المعرفة، ويضمن للصحفيين التوصل إلى المعلومات التي بحوزة الحكومة والمؤسسات العامة.
قالت سارة ليا ويتسن: "بدلاً من تعريض الصحفيين وغيرهم من المنتقدين للاعتقال وغيره من الإجراءات العقابية بسبب تعبيرهم عن آراء معارضة أو فضح فساد مزعوم، يتعين على سلطات حكومة كردستان الإقليمية أن تدعم حرية التعبير. وعلى السلطات أن تحقق في حالات انتهاك هذا الحق وأن تعاقب المسيء، كما يلزمها قانون صحافتها ذاته، وأن تحاسب المسؤولين عن الانتهاكات".
وقعت التوقيفات والاحتجازات وغيرها من الانتهاكات لحقوق الصحفيين ومنتقدي الحكومة في منطقة كردستان في مناخ من الإفلات من العقاب، فلم يلاحق أفراد الأسايش أو غيرهم من القوات الأمنية قضائياً على تجاوز سلطاتهم أو انتهاك حقوق المحتجزين.

قال نياز عبد الله من مركز "مترو" للدفاع عن الصحفيين، وهو أحد مراكز الحرية الإعلامية المحلية، قال لـ هيومن رايتس ووتش إن المركز قام بتوثيق أكثر من 100 شكوى بشأن انتهاك حقوق الصحفيين لم تحقق السلطات فيها. قال نياز عبد الله: "تقوم الحكومة بتجاهل القوانين المعمول بها والتي تلزمها بالتحقيق في وقائع الانتهاكات والتضييق على الصحفيين، ومحاسبة المسيئين".
في تقرير نهاية العام، وثق مركز "مترو" 21 حالة من الاعتداء البدني المزعوم على صحفيين، تشمل واقعة اعتداء مسلح، و50 اعتقالاً، و34 حالة لقيام القوات الأمنية بمصادرة معدات صحفيين، و5 تهديدات بالقتل ضد صحفيين. حين استفسرت هيومن رايتس ووتش عن إخفاق الحكومة الإقليمية في التحقيق في شكاوى التعرض لانتهاكات أثناء الاحتجاز، أنكر أحد كبار مسؤولي الأسايش في البداية وجود أية شكاوى في حق الأسايش، وحينما ووجه بالأدلة على العكس قال إن مقدمي الشكاوى كاذبون.

في مارس/آذار وثقت هيومن رايتس ووتش قيام الشرطة بضرب وتوقيف صحفيين أثناء تغطيتهم لمظاهرات في ذكرى الاحتجاجات التي بدأت في 17 فبراير/شباط 2011 ثم انتشرت في أرجاء منطقة كردستان. في العام التالي لبدء هذه المظاهرات، قتلت قوات الأمن 10 من المتظاهرين والمارة على الأقل، وجرحت أكثر من 250 آخرين.
قالت سارة ليا ويتسن: "من المؤسف أن حكومة كردستان الإقليمية تزداد اليوم تباعداً عن صورة الديمقراطية المزدهرة المنفتحة التي ترسمها لنفسها. وهي، بتقويض الضمانات القانونية لحرية التعبير، إنما تقوض أحد الأعمدة الأساسية لأي مجتمع حر".
ترد أدناه تفاصيل عن الحملة القمعية على الصحفيين والمنتقدين والمتظاهرين، وعن بعض الحالات الفردية.
 
إجراءات قانونية لإسكات المعارضة
سعت الحكومة الإقليمية، في إجراء يضاعف بواعث القلق من انتهاك حقوق الصحفيين ومنتقدي الحكومة، إلى تمرير قانون جديد في 2012 من شأنه زيادة الرقابة على حرية التعبير. فـ"مسودة قانون حماية المقدسات" المقدمة للبرلمان الكردستاني في يونيو/حزيران، تجرم "إهانات" غامضة التعريف في حق "الرموز الدينية والوطنية"، وتفرض عقوبات تصل إلى السجن لمدة 10 سنوات، وتسمح للسلطات بإغلاق المطبوعات بدعاوى فضفاضة مبهمة، مثل "تصوير الأنبياء بشكل غير لائق". قال نشطاء المجتمع المدني وغيرهم لـ هيومن رايتس ووتش إنهم قلقون من أن السلطات تنوي استخدام القانون الجديد لخلق مناخ من الخوف من شأنه إسكات الأصوات المعارضة، وخنق أي انتقاد لحزب كردستان الديمقراطي ولرئيس الحكومة الإقليمية مسعود برزاني.

في سبتمبر/أيلول قامت اللجنة القانونية ولجنة حقوق الإنسان ولجنة الشؤون المدنية في البرلمان الكردستاني برفض مسودة القانون. أوضحت تلك اللجان أن نصوص "الإهانة" وما يترتب عليها من عقوبات تخالف التزامات كردستان الدولية في مجال حقوق الإنسان وغيرها من الالتزامات. وتشمل الأخيرة المادة 38 من الدستور العراقي التي تلزم الدولة بأن تضمن "على نحو لا يمس النظام أو الآداب العامة، حرية التعبير بكافة السبل: حرية الصحافة والطباعة والدعاية والإعلام والنشر، وحرية التجمع والتظاهر السلمي". كما أفتت اللجان بأن القانون المقترح يخالف أيضاً قانون الصحافة لسنة 2007.

رغم رفض البرلمان لمسودة القانون إلا أن السلطات واصلت السعي لتنفيذ أحكامه. في أكتوبر/تشرين الأول حصلت هيومن رايتس ووتش على نسخة من خطاب كان قد وجهه أحد مسؤولي وزارة العدل، وهو السيد سازكار على ناجي العطار رئيس النيابة العامة، إلى وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بتاريخ 24 سبتمبر/أيلول، بعد 3 أيام من رفض البرلمان لمسودة القانون. وقد أصدر في الخطاب تعليماته للوزارة بإبلاغ النيابة العامة "إذا بدرت من أي شخص إساءة للدين أو التاريخ الكردي أو الرموز الوطنية في وسائل الإعلام" حتى "يتسنى للنيابة العامة اتخاذ الإجراءات القانونية ضد مصدر النشر". وبالتالي قام وزير الشؤون الدينية المؤقت في 15 أكتوبر/تشرين الأول بمكاتبة "الإدارات العامة" للوزارة في إربيل والسليمانية ودهوك، لتوجيهها بضرورة الإبلاغ عن أي "حالة إساءة للرموز الدينية والوطنية أو الحط من قدرها...أو عند اتخاذ إجراء قانوني ضدها".

لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من التأكد مما إذا كانت هذه التعليمات الرسمية قد أدت إلى اعتقال أشخاص، لكن من الواضح أنه كان لها أثر تخويف الجميع، فقد قال أحد النشطاء المحليين، مشترطاً حجب هويته، لـ هيومن رايتس ووتش: "حينما يوجه النائب العام الاتهام إلى شخص ما بموجب قانون العقوبات بعد قيام ذلك الشخص بانتقاد سياسي أو سلطة ما، من يدري إن كان ذلك الخطاب هو السبب؟".
في اجتماع خلال شهر نوفمبر/تشرين الثاني، طلبت هيومن رايتس ووتش من أحد مسؤولي العلاقات الخارجية بالحكومة أن يفسر تعليمات النائب العام في ضوء رفض البرلمان لمسودة القانون. فرد المسؤول بأن القانون المقترح "لم يمت" وما زال "في أروقة البرلمان ينتظر الموافقة". كما لام أحزاب المعارضة على منعه، مضيفاً أن "حزب كردستان الديمقراطي وحزب الاتحاد الوطني الكردستاني [الحزبين الحاكمين] يحوزان أغلبية البرلمان، ويريدان هذا القانون وسوف ينتصران". أما عن خطاب رئيس النيابة العامة فقد قال: "لا توجد قوانين، ولذا يتعين على الحكومة التصرف خارج نطاق القانون. أمامنا تحديات جديدة بسبب حرية التعبير والتجمع، ولذا نحتاج أيضاً إلى قوانين جديدة. صدقني، ستصبح الحكومة أكثر راحة إذا مررنا قانوناً جديداً".
 
الحملة القمعية على المظاهرات
وثقت هيومن رايتس ووتش في مارس/آذار قيام الشرطة بضرب واحتجاز صحفيين يغطون المظاهرات التي اندلعت في ذكرى احتجاجات 2011.
في 17 فبراير/شباط 2012 كان مئات من أفراد الأمن قد أحاطوا بـ150 إلى 200 متظاهر تجمعوا في ميدان سارة بالسليمانية. اندس عشرات من الرجال بثياب مدنية وسط الجموع وشرعوا في لكم وركل المتظاهرين وضربهم بعصي خشبية، كما قال شهود عيان لـ هيومن رايتس ووتش. قال أحد المحامين إن رجالاً بثياب مدنية وعصي خشبية اعتدوا عليه ولكموه في ظهره ودفعوه، بينما كانت قوات الأمن تتفرج دون تدخل.

قامت قوات الأمن بضرب الصحفيين والمصورين الذين كانوا يغطون المظاهرات. قال منسق مركز "مترو" للدفاع عن الصحفيين لـ هيومن رايتس ووتش إن قوات الأمن اعتدت عليه وصادرت الكاميرا الخاصة به بعد أن التقط الصور. وثق مركز "مترو" أكثر من 200 حالة اعتداء على الصحفيين أو مضايقة لهم أثناء المظاهرات في السليمانية بين فبراير/شباط ومايو/أيار 2011، ولم يتم التحقيق في واحدة منها حتى اليوم.
في مظاهرات 2012 أيضاً قامت قوات الأمن بجذب وركل سباستيان ماير، المصور الفوتوغرافي الأمريكي من وكالة "متروغرافي" للتصوير، فيما كان يوثق اعتقال المتظاهرين، ثم اعتقلته مع بزهار محمد، المصور العراقي. قال سباستيان ماير لـ هيومن رايتس ووتش إن قوات الأمن أخذت منه الكاميرا والهاتف الخلوي. أفاد صحفيون بأن قوات الأمن احتجزت أيضاً الطواقم الإعلامية والعاملين بمحطة "كيه إن إن" ومحطة "إن آر تي" التلفزيونية المحلية، وغيرهما من المنافذ الإعلامية.

قال شهود لـ هيومن رايتس ووتش إن قوات الأمن قامت داخل مقرها المرتجل بالميدان باستجواب 25 إلى متظاهراً وصحفياً، ثم أخذتهم إلى سجن فرمندي، على أطراف السليمانية الغربية، حيث احتجزتهم لمدة قصيرة ثم أفرجت عنهم دون توجيه اتهامات.
 
الحملة القمعية على الصحفيين
شوقي كنبي، مدير محطة "كيه إن إن" التلفزيونية" في إربيل، هو أحد الصحفيين الذين واجهوا الاتهامات في 2012. لقد اتهمته السلطات بمخالفة المادة 434 من قانون العقوبات العراقي، التي تجرم "الإهانة"، بعد إذاعة برنامج في 24 يونيو/حزيران أجرى فيه مقابلة مع موظف بشركة مملوكة لأحد أعضاء مجلس إربيل المحلي. ادعى الموظف أن الشركة "غشت بعض الأشخاص" ولاحظ كنبي أن القانون يمنع أصحاب الشركات من تقلد المناصب العامة. أدانت إحدى المحاكم كنبي بتهمة "إهانة" عضو المجلس المحلي بتاريخ 20 أكتوبر/تشرين الأول، وغرمته 1,5 مليون دينار (1300 دولار أمريكي).
قال كنبي لـ هيومن رايتس ووتش إن بعض الأشخاص مجهولي الهوية اتصلوا به بعد اتهامه، ملمحين إلى أنه إذا اعتذر لعضو المجلس وطلب غفرانه فربما يتم إسقاط التهم، إلا أن كنبي رفض. وقال إن غياب قانون يدعم الحق في حرية المعلومات هو السبب في ملاحقته، وأن هذا يعوق عمل الصحفيين إلى حد بعيد لأنه "يمنح الحكومة كل السلطة".

قال كنبي: "لا يمكن للصحفيين جمع المعلومات بطريق قانوني. حين تحفر [وراء المعلومات] فلديهم قوانين كثيرة يستخدمونها ضدك. الحكومة الكردية تستخدم وسائل غير قانونية لمنع الصحافة الحرة والمعارضة السياسية، وتحاول تبرير هذا المسعى بإجراءات قانونية سليمة. كانوا فيما مضى يقتلونك، أما الآن فهم يهددونك ويعتقلونك".

في أبريل/نيسان احتجزت الشرطة شروان الشرواني، رئيس تحرير مجلة "باشور" المستقلة، بعد نشر مقالتين بدون توقيع تنتقدان السلطات الإقليمية. زعمت إحدى المقالتين اختفاء 206 مليون دينار عراقي من خزائن مجلس مدينة عقرة، على ما يبدو بسبب الفساد أو الاحتيال. ونقلت الأخرى زعماً من أحد رجال الأعمال المحليين بأن أحد أشقاء رئيس الحكومة الإقليمية أعطاه 2 مليون دولار كجزء من صفقة أعمال.
قال الشرواني إن الشرطة احتجزته في 20 أبريل/نيسان بينما كان في نزهة خلوية، لكن أفرادها رفضوا إطلاعه على تصريح الاعتقال، قائلين إنهم يأخذونه لـ"الاستجواب" ليس إلا. وأفرجوا عنه بكفالة بعد 3 أيام، لكن جنوداً مسلحين في زي أسود لا تتضح منه الجهة التابع لها هؤلاء الجنود، احتجزوه على الفور لمدة 3 أيام أخرى. يواجه الشرواني المحاكمة بتهمة التشهير برجال سياسة إقليميين، لكن المحكمة لم تحدد الموعد حتى الآن.

بموجب قانون الصحافة لا يجوز للسلطات معاقبة صحفي بعقوبات جنائية على مواد "نشرها أو كتبها عن أداء مسؤول...أو موظف عام" طالما استطاع الصحفي تقديم دليل.
كما يفرض القانون مهلة زمنية للسلطات العامة لكي ترفع دعاوى التشهير في غضون 90 يوماً من نشر المقال التشهيري المزعوم. وجهت السلطات الاتهام إلى الشرواني بعد 170 يوماً من مقالته الأولى، وقد استأنف على هذا الأساس دون أن يتلقى رداً.

تلقت هيومن رايتس ووتش معلومات من مصادر ذات مصداقية تفيد بأن الأسايش استدعت 14 صحفياً آخرين من محافظة بادينان للاستجواب وهددتهم، واستصدرت منهم وعوداً بعدم كتابة المقالات في صحف مستقلة بعينها، لكن أحداً من الصحفيين الـ14 لم يوافق على التحدث مع هيومن رايتس ووتش، خوفاً على ما يبدو من انتقام الأسايش. وصف صحفيون ونشطاء آخرون المنطقة المحصورة بين بادينان وديانة وماصف بأنها "مثلث برمودا" بالنسبة لحرية التعبير.

وقد ظهر لإجراءات السلطات تأثير كابح. قال أسوس هاردي، من مجلة "أويني" التي تصدر في السليمانية، لـ هيومن رايتس ووتش: "التحدث عن السياسة مهمة خطيرة... والفساد موضوع حساس بصفة خاصة. المشكلة هي غياب ذهنية المحاسبة". كما قال عن السلطات: "حين يريدون إبعاد شخص ما فإنهم يبعدونه، ثم يبحثون عن المبرر".
وردد شوان صابر، نائب رئيس شبكة العدالة للمسجونين، صدى تعليقاته: "حين يعاقب المسؤلون الفاسدون حرية التعبير فهذا ما تحصل عليه. الحزب الحاكم يُسكِت معارضيه".
 
قضية أكرم
قبضت قوات الأمن على أكرم عبد الكريم، موظف الجمارك السابق المعروف أيضاً باسم "سيد أكرم"، في 1 نوفمبر/تشرين الثاني 2011، عند نقطة إبراهيم الخليل الحدودية بين منطقة كردستان وتركيا، كما قال محاميه لـ هيومن رايتس ووتش.
وتم احتجازه لمدة أسبوع بعد أن ظهر في مقابلات إعلامية واتهم أعضاء بارزين في حزب كردستان الديمقراطي باختلاس عائدات الجمارك المتولدة عن تلك النقطة الحدودية، وتحويلها إلى مكتب أحد كبار الساسة. عقب هذه المقابلات مع محطة "إن آر تي" التلفزيونية المحلية ومجلة "باشور" المعارضة ومجلة "هولاتي"، وقع 50 من أعضاء البرلمان التماساً يطالب بالشفافية المحاسبية في العائدات المتولدة عن المعابر الحدودية مع تركيا. لم تنكر السلطات مزاعم أكرم رسمياً.
 
احتجزت السلطات أكرم بدون تواصل مع محاميه لما بين أسبوعين وثلاثة أسابيع، اعتدت فيها عليه كما قال المحامي. ثم اتهمته السلطات بتعريض الأمن الوطني للخطر من خلال نشر دليل غير سري لموظفي الجمارك كان قد وضعه أثناء عمله لحساب الأسايش بالتعاون مع وزارة الداخلية، بحسب محاميه. وتتهم الأسايش أكرم الآن بمخالفة المادة 316 من قانون العقوبات العراقي لسنة 1969، التي تعاقب بالسجن حتى 10 سنوات "أي موظف أو مندوب عام يستغل منصبه للحصول على أموال أو بضائع أو وثائق تثبت الحق القانوني أو أي شيء آخر لا حق له فيه ويخص الدولة"، لأنه نشر الدليل غير السري.
ما زال أكرم في سجن زركا في زاخو، إحدى مدن محافظة دهوك. وكان يعاني من متاعب صحية عقب جراحة أجريت له قبيل اعتقاله. أبدى أكرم الخوف على حياته في السجن في خطاب مفتوح نشرته مجلة "باشور" بتاريخ 30 أكتوبر/تشرين الأول 2012، وقال إنه رفض قبول العلاج الطبي الذي يقدمه السجن بعد أن أخبره سجناء آخرون بأن مسؤولي الأمن في السجن قد يحاولوا تسميمه. قالت زوجة أكرم لمحاميه إن هناك مجهولين يتبعونها بشكل روتيني، وهي بدورها تخشى على سلامتها.

لم تحدد السلطات موعداً للمحاكمة، رغم أنها احتجزت أكرم منذ أكثر من عام، مما يعزز تقييم النشطاء المحليين باحتجاز أكرم لأسباب سياسية أساساً بسبب انتقاده لقادة حزب كردستان الديمقراطي. قال الدكتور قمران برواني، الناشط الذي يدافع عن أكرم، لـ هيومن رايتس ووتش: "هذه القضية ليست قضية أمن قومي، بل قضية المعارضة السياسية وحرية الفكر".
 
قضية عثمان
ما زال الغموض يكتنف قضية زرادشت عثمان، الطالب والصحفي المستقل البالغ من العمر 23 سنة، الذي اختطف وقتل منذ أكثر من عامين بعد كتابة مقالة تنتقد حزبي منطقة كردستان الحاكمين. عثر على عثمان ميتاً في 4 مايو/أيار 2010 على أحد الطرق القريبة من الموصل. وكانت على جثته آثار تعذيب وفي رأسه رصاصتان. قال أحد أفراد عائلته ممن شاهدوا الجثة إنه كان مصاباً بالرصاص في الفم، وهو ما فسره قريبه والصحفيون الأكراد المحليون على أنه رسالة للإعلام كي "يصمت".

وسط الاستنكار الذي أعقب مقتل عثمان، قام الرئيس برزاني بتعيين لجنة تحقيق. وأعلنت تلك اللجنة في 15 سبتمبر/أيلول 2010 أن أعضاء أنصار الإسلام، وهي جماعة مسلحة مرتبطة بالقاعدة، قتلوا عثمان لأنه أخفق في تنفيذ مهمة كان قد وعد بتنفيذها نيابة عنهم. قالت اللجنة إن هشام محمود إسماعيل، من البيجة شمالي تكريت، اعترف أثناء الاستجواب بتسليم عثمان بعد تكميمه وعصب عينيه إلى أفراد أنصار الإسلام في الموصل.

بيد أن أنصار الإسلام سارعت إلى نفي مسؤوليتها، وصدر تصريح منسوب إلى الجماعة المسلحة يقول: "إذا قتلنا أو خطفنا شخصاً فسوف نعلن عن هذا بأنفسنا. لا حاجة بنا إلى من يكذب نيابة عنا". بعد أكثر من عامين ما زال إسماعيل ينتظر المحاكمة في 2 مارس/آذار، بعد تأخيرات عديدة، أمام محكمة جنايات إربيل.
في ديسمبر/كانون الأول 2010، قدم نائب وزير الداخلية بالحكومة الإقليمية رواية مختلفة للأحداث، في معرض رده على استفسارات متكررة من هيومن رايتس ووتش. فقال إن تحقيق الوزارة أسفر عن أن "عثمان كان قد اتصل بأنصار الإسلام المنتمية للقاعدة للحصول على معلومات عن الجماعة بغرض نشر أنشطة الجماعة السابقة والمزمعة على الإنترنت" ولكن حينما لم ينضم عثمان إلى الجماعة، "تمكن الشك من أنصار الإسلام فقتلته".
 
القانون الدولي يحمي حرية التعبير
يعترف القانون الدولي لحقوق الإنسان بحرية التعبير كحق أساسي من حقوق الإنسان، ضروري لأداء وظائف المجتمع الديمقراطي بفعالية، ولكرامة الفرد الإنسانية على السواء. والمادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعرق طرف فيه، تكفل "حرية التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها". كما تكفل المادة 15 من هذا العهد ألا يدان فرد بسبب فعل لم يكن وقت ارتكابه جريمة بمقتضى القانون.

ومن المبادئ الراسخة في القانون الدولي لحقوق الإنسان أن الساسة وغيرهم من الشخصيات العامة يخضعون في سلوكهم لتدقيق أشد وأوسع نطاقاً مما يخضع له عامة الناس، ومن واجبهم التسامح معه. تقول مباديء سيراكوزا الخاصة بنصوص التقييد والانتقاص في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والصادرة عن الأمم المتحدة، تقول إن القيود المفروضة على حرية التعبير "لا يجوز أن تستخدم لحماية الدولة ومسؤوليها من الرأي العام والنقد". وقد قررت لجنة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، في تفسيرها المرجعي الآمر للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية فيما يتعلق بحرية التعبير، أن كافة الشخصيات العامة تخضع للنقد قانوناً، وعلى الدول ألا تحظر نقد المؤسسات العامة.

لكن الحكومة الإقليمية قصرت كثيراً في تلبية تلك الالتزامات في 2012، بحسب هيومن رايتس ووتش، فقد تسامحت مع مضايقة وترهيب الصحفيين وغيرهم من المنتقدين، بمن فيهم الساعين إلى فضح الفساد الرسمي وغيره من المخالفات، بينما أتاحت مناخاً من الإفلات من العقاب لمن يرتكبون تلك الانتهاكات في حق المعارضين.

 

 

 

  • قوة أمنية تعتقل صحفيين أثناء التغطية في النجف

  • كردستان: اعتقال الصحفيين لن يخفي الأحداث ويقود لنتائج عكسية

  • حصيلة كبيرة للانتهاكات ضد الصحفيين في العراق خلال أيلول

  • سحب الهاتف والتوقيع على ورقة مجهولة.. صحفية تروي ظروف اعتقالها في السليمانية

  • قوة أمنية تعتدي على كادر الرابعة في البصرة بتحطيم المعدات والضرب والاحتجاز

  • وزير الداخلية يقاضي الإعلامي حيدر الحمداني بتهمة القذف والتشهير

  • قانون جرائم المعلوماتية: مُفصّل على مقاس السلطة.. ومخيّب لتطلعات الصحفيين

  • تعرض المراسل فاضل البطاط الى اعتداء على يد أمن فندق غراند ميلينيوم البصرة