مرصد الحريات الصحفية

مرصد الحريات الصحفية

الصفحة الرئيسية > الأخبار والتقارير > في ظل لغة...

في ظل لغة الرصاص .. والقيود المتعددة ..

المجلس / سما الأمير

2007-10-21


لم يمر العراق بمرحلة حرجة كالتي يشهدها اليوم ، بحيث تتسيد الفوضى وثقافة العنف الساحة العراقية بشكل لم يسبق له مثيل ، الامر الذي انعكس سلباً على العراقيين بمختلف شرائحهم وفئاتهم وثقافاتهم ومعتقداتهم ومهنهم.

 

والصحفية العراقية جزء من اللوحة مشتتة الالوان التي رسمها اعداء العراق ، اذ انها مستهدفة بصفتها امرأة مرة ، وبصفتها صحفية مرة ثانية . فالمرأة اليوم محاصرة ومقيدة ولا يمكن لها الانطلاق الى فضاءات ارحب في ظل لغة الرصاص التي اغتالت حياة او احلام العديدات من الصحفيات اللواتي تعرضن للقتل او الاختطاف في اثناء ادائهن عملهن الصحفي .

من هنا جاء هذا الموضوع الذي لم يكن انجازه سهلاً ، نظراً لامتناع عدد من الصحفيات عن الادلاء بارائهن في تحقيق صحفي يلامس معاناتهم ويسلط الضوء عليها.

احدى الصحفيات القديرات اعتذرت بكل لطف وادب عن اجراء حديث معها ، لأنها امتنعت عن الاسهام الاعلامي منذ نحو عامين ولاسباب معروفة ـ على حد تعبيرها ـ ، صحفية اخرى تشغل منصبا قياديا متقدما في صحيفة ، اعتذرت هي الاخرى قائلة انها لاترغب بظهور صورتها واسمها في الموضوع ، فما الداعي اذن لأجراء الحديث ؟!!

صحفيات اخريات وافقن على الاشتراك في هذا التحقيق لكنهن تراجعن في ما بعد ..

وبين الاعتذار والتراجع عن الجهر بالرأي والصراخ بصوت عال ٍ ، كانت محصلتي الآراء الآتية التي ادلت بها صحفيات مازلن يتمتعن بالشجاعة ويجهرن بأرائهن من غير ان يخشين في الحق لومة لائم في بلد تثير احداثه واوضاعه الرعب.

العمل الصحفي من اخطر الاعمال

الصحفيةهدى جاسم ، مديرة مكتب صحيفة الشرق الاوسط ـ بغداد قالت:

ـ يعد العمل الصحفي اليوم في العراق من اخطر الاعمال التي قد تستهدف من قبل جهات بعضها معلوم والبعض الاخر مجهول ..

وجميع تلك الجهات تصب في خانة تفريغ العراق من ملاكاته المثقفة والعلمية وبغض النظر عن كون هذا الذي يقوم بالعمل رجل او امراة ، فصفة صحفي باتت من اخطر الصفات في العراق والتي اودت بالكثير من زملائنا واخرست ألسنتهم والى الابد ..

المشكلة التي تقابلنا كل يوم غير صفتنا الاعلامية هي صفة المرأة فهي تعاني ايضا من توجهات الكثير من الجهات التي ترى المرأة بصورة كانت بعيدة كل البعد عن تصوراتنا والى وقت قريب ، وعلى سبيل المثال يتوجب علينا حين التعامل مع أي جهة ان نتحدث او نرتدي مايناسبها لاسيما تلك التي تتحدث من المنظار الديني وقد نواجه الكثير من حالات الرفض لاسئلتنا لمجرد اننا نساء ونتحدث مباشرة الى الرجال ، وقد منحنا الهاتف الفرصة الكبيرة في الحديث بحرية مع من نريد من الجهات ا لتي نبغي التواصل معهاباخبارها . المهم في هذا كله اقول اننا نعمل الان بصفتنا صحفيين ضمن منظور الزواج السري على الهوية فنحن نتخفى من انظار الجهات التي غالبا لانعرفها والتي تترصد الصحفيين وتحاول تصفيتهم . وغالبا ما نتلقى تهديدات قد تحرمنا من اكمال المسيرة لكنهم لايعلمون ان ثمة قادماً في الافق يحمل الهوية نفسها .. اذن العملية لاتنتهي ابدا ، ونحن في صراع مع ارادة تبدو لي فاشلة وان قضت على بعض زملائنا وحرمتنا من اقلامهم.

الحل يكمن في توفير حماية ذاتية فالحكومة لايمكنها توفير الحماية لكل شخص لاسيما الصحفي الذي يتابع الخبر والتحقيق والصورة .. الحمايةالذاتية هي كيف تؤمن نفسك وتمتلك الحس الامني الذي قد يوفر لك بعض فرص الحياة والاستمرار.

الصحفية مستهدفة مرتين

الصحفية مديحة القيسي ، التي تركت العمل في الصحف الى اشعار آخر بسبب التدهور الامني ، قالت :

ـ ان تدهور الوضع الامني ينعكس بشكل مضاعف على الصحفيات ، ذلك انها ـ الى حد ما ـ النموذج المتقدم للمرأة العراقية من حيث ادراكها لواقع الحال وخفاياه مما يعرضها للاذى مرتين ، الاولى بصفتها امرأة عراقية يترصدها الموت كل لحظة بسبب الاعمال الارهابية الاجرامية بشكل عام ، والثانية لأنها مثقفة ، وهذا يعني انها من ضمن اهداف العصابات التي مازالت ( عصية ) على ان تـُُكتشـَف وهي تغتال المثقفين العراقيين وتسعى مسعورة الى افراغ البلد من الكفاءات واصحاب الشهادات العليا .وفي ظل واقع كهذا يتدفق مرارة ً ، اعتقد ان الطريق الذي يقلل من مخاطر تعرضها للاعمال الاجرامية ويقلل من تنقلها من مكان الى اخر وهي تؤدي مهامها الصحفية او وهي تواظب على الدوام في الصحف ، هو اللجوء الى الصحافة الالكترونية ، فهي اليوم الملاذ ألامن حتى يقضي الله سبحانه وتعالى امراً كان مفعولا ، وحتى يعيد ابناء العراق الشرفاء والذين يرفضون الاحتلال ويقاومونه الوجه الحقيقي لهذا البلد الذي لم يعد احد يجادل في حتمية انتصاره.

اخفاء الاسم الصحفي الصريح

الصحفية بشرى فائز التي تعمل محررة في احدى الصحف العراقية اليومية ، قالت :

ـ معاناة المراة الصحفية العراقية تبدا من خروجها من منزلها وصولا الى مقر عملها ، فهي تعاني الوضع الامني المتردي ، وصعوبة التنقل من مكان الى اخر خشية رصدها ، كما انها مستهدفة من الجماعات المسلحة المتطرفة ، فضلاً عن حرمانها من حقها في التنقل بين مصادر الاخبار لاسيما المنطقة الخضراء التي تضم المسؤولين عن الوزارات ، ويحتاج الصحفي عموما الى الوصول اليهم او الى مكاتبهم للحصول على التصريحات الصحفية.

الى جانب كل هذا لاتستطيع المراة الصحفية التعبير عن رأيها بشكل صريح ، بل انها قد لاتكتب اسمها الصحفي الصريح خوفا من استهداف التيارات المتطرفة في العراق.

الظلام في النفق

الصحفية الكردية آمنة وهاب التي تعمل الآن في المكتبة الوطنية العراقية قالت :

ـ بصفتي صحفية اكتب في مجال الصحافة الكردية اجزم بأنني في تيه حيث لا صحيفة او مجلة او اذاعة اواصل من خلالها نشاطي الصحفي .. ومما يزيد الطين بلة ، الوضع الأمني المتردي على قمة هرم مشاكل العراق التي تثير القلق الدائم .. حيث الظلام في بداية النفق ووسطه ونهايته.

لست متشائمة بقدر و\ما انا واقعية ، فقد مارست نشاطي الصحفي بعد حل وزارة الاعلام التي كنت موظفة فيها ، في بعض الدوائر التابعة الى وزارة الثقافة العراقية ، لكنني توجست بل ايقنت ان ارهابا وظيفيا يمارس ضدنا احيانا ، لكن سعادتي تكمن في خدمتي الكتاب الكردي القابع في درج المكتبة الوطنية لتحقيق المنفعة للقراء والمطالعين المتفانين في عشق الثقافة الكردية.


اما بصفتي امرأة وام فان مسؤوليتي توجب علي ّ الحذر والخوف من الموت ـ ليس الموت ذاته ، فهو حق ـ ولكن حينما اكون مسؤولة عن تربية اولادي الذين يحتاجون الى رعايتي ، فهذا الامر يتطلب الوقوف عنده طويلاً ، اذ مالذي يجنيه اولادي من عملي اذا فقدوني ، فكنوز الارض لاتضاهي حنان الام ورأفتها بأولادها.

في ظل حرية مضببة !


الصحفية آمال عدنان الزبيدي التي انتسبت الى احدى دوائر وزارة الثقافة بعد حل وزارة الاعلام ، قالت :

ـ استتبابات الصراط لا تتأتى وخطوات يدعمها المجهول .. فالشوارع معنية بقراءات من يطرق اديمها ، والاكف ترتفع مع الاكفان راجية تامين سلامة الداعي ذهابا وايابا .. ولكن أنّا للاوضاع ان تحوط الجدة بالمرجو وديمقراطية الخطر تهجم مع آلة الموت على الابرياء في كل مكان.

ولأن المرأة الصحفية هي احد هؤلاء فقد اقتربت حيثيات عملها لتصوغ ما تنتظرها من معوقات : اولها ، تهديد امنها سواء تعاملت مع جهة رسمية ( دولة ) او محتلة ( قوات متعددة الجسمانيات )!! لاتأخذ بالحصانة ، او مع الطرق المُلغـَمة وقتلة النفس البريئة ، وثانيها مالم يُعتـَمد ومؤسسات الحكومة على ان تقبل المطروح من كتابات يفترض ان تحترم ومتون الحرية ، حتى امسى اكثر الاقلام مهدَدَاً اذا ما وقعت بالاقلام الصريحة.

وبعيدا عن كل هذا وذاك باتت الحرية مضببة لا نسترشد بمسيرها اضاءة مؤشرة زبصيص الهدف ، لذلك اجد نفسي منعزلة لأن محراب الصحافة الجديد لا يدخله الاّ الواهمون بالتبتل .. فمن هذا الذي يفتح الآفاق وينير الدرب علنا نخرج ومطبوع حقيقي يكتب للشعب من غير توجس او ريبة مما يحدث او يُدوَن.

اعادة المرأة الى الكهوف الحجرية

صحفية اخرى شاركت في الحديث لكنها طلبت التحفظ على اسمها ، قائلة ان المرأة الصحفية محاصرة بقيود المجتمع الذي قد يسيء فهمها احيانا ان هي دافعت عن حرية المرأة والتعبير علانية ، وقد يتهمها بالتحرر المتطرف او الانفلات ومن غير ان يدقق في الكلام الذي تكتبه ، ويفهم حيثيات الفكرة التي تنادي بها.. كما ان هناك العديد من التيارات المتطرفة التي تريد اعادة المرأة الى الكهوف الحجرية في عصر الانفجار المعلوماتي وثورة الاتصالات !! وتتصور تلك التيارات ان قطاع العمل يمكن ان يحافظ على نهوضه حتى لو انسحبت المرأة منه الى البيت . من هنا تفرض القيود على المرأة تحت شعارات شتى مع ان المرأة الان في المجتمع العراقي وفي ظل الحروب التي مرّ بها والظروف السياسية والاقتصادية القاسية التي عاناها ، تمثل في اغلب الاحيان حجر الاساس في دعم ميزانية العائلة العراقية ، لذا اتمنى ان تعطى المرأة العاملة حقها لاسيما انها تتحمل ادواراً مضاعفة فيما بقي الرجل يتحمل المسؤولية نفسها منذ زمن بعيد حتى الان ومن غير زيادة . كذلك اثبتت المرأة الصحفية كفاءتها ومقدرتها على خوض غمار عالم الصحافة ، ومن الظلم محاصرتها بالافكار البالية واستهدافها ان هي تفوهت بكلمة حق او مارست حقها الطبيعي في العمل والبحث عن الاخبار وانجاز الموضوعات الميدانية متنقلة من مكان الى اخر وصولاً الى الحقيقة.

البحث عن امل

بعد ان فقدنا ما فقدنا من صحفيات اخترن خوض غمار العمل بلا خوف او تردد ، وبعد ما يمكن ان نفقده من اصوات صحفية عراقية ، سيبقى السؤال :


الى متى تستمر الهواجس والمخاوف تحاصر الكثيرات من صحفيات العراق وفي ظل اجواء ملغومة بالعنف والتطرف والرجعية ؟!

وثمة سؤال يبحث عن الامل في اجابة :

هل سياتي اليوم الذي تتنفس فيه الصحفية العراقية بعد مرحلة هي الاحلك في حياة العراقيين ، وتنطلق بحرية الى آفاق ارحب من غير قيود او معوقات او قتولات ؟

نأمل ذلك ..

 

 

 

  • قوة أمنية تعتقل صحفيين أثناء التغطية في النجف

  • كردستان: اعتقال الصحفيين لن يخفي الأحداث ويقود لنتائج عكسية

  • سحب الهاتف والتوقيع على ورقة مجهولة.. صحفية تروي ظروف اعتقالها في السليمانية

  • حصيلة كبيرة للانتهاكات ضد الصحفيين في العراق خلال أيلول

  • قوة أمنية تعتدي على كادر الرابعة في البصرة بتحطيم المعدات والضرب والاحتجاز

  • وزير الداخلية يقاضي الإعلامي حيدر الحمداني بتهمة القذف والتشهير

  • قانون جرائم المعلوماتية: مُفصّل على مقاس السلطة.. ومخيّب لتطلعات الصحفيين

  • تعرض المراسل فاضل البطاط الى اعتداء على يد أمن فندق غراند ميلينيوم البصرة